قراءة
تأملية تحليلية في حصة التفقد المنجزة
بتاريخ 3 ماي 2011
مثلت
حصة الملاحظة والتقييم فرصة جيدة للممارسة والتعلم وهو ما يحيلنا إلى إمكانية
إدراجها بالباب المتعلق بزيارات الإرشاد والتفقد المنجزة في إطار التربص الميداني
الثاني نظرا لما أفضت إليه من تعديل لمسار
الفعل البيداغوجي وقد مرت الحصة بستة مراحل أساسية كالتالي:
1-
الإعداد
والاستعداد : بين الإنتظارات وبناء سيناريوهات التدخل،
2-
الملاحظة
:المراوحة بين العين المجردة والشبكة العلمية،
3-
المقابلة:
التأكد من الفرضيات وتعديل المسار،
4-
صياغة
التقرير: مرآة تعكس ما سبق وتستشرف المستقبل،
5-
المحادثة:
إضافة دخيلة على البرمجة ولكنها بطعم السكر ،
6-
التعلَمات
المتولدة عن الحصة :" التعلم لا يرهق العقل أبدا" ليوناردو دافنشي
1. الإعداد
والاستعداد : بين الإنتظارات وبناء سيناريوهات التدخل.
لقد
كان السحب الخاص بالمؤسسة التي ستحتضن حصة التفقد مدخلا هاما للانطلاق في عملية
الإعداد والاستعداد خاصة أن الحديث عن رياض الأطفال البلدية يوحلنا إلى التصورات
التالية:
-
إطارات
تربوية مختصة ومؤهلة للتعامل مع الأطفال،
-
توفر
عناصر الكفاءة والخبرة والتجربة،
-
استبطان
ضمني للنموذج التنشيطي برياض الأطفال،
-
فضاءات
شاسعة ومهيأة بطريقة تستجيب لحاجيات الأطفال للتنقل والحركة والممارسة والتجريب،
-
تنوع
في الأساليب الطرائق البيداغوجية المعتمدة،
-
مراوحة
هادفة بين النشاط الداخلي والخارجي، الفردي والجماعي، الهادئ والحركي،
-
وسائل
متوفرة بالقدر الكافي وموضوعة علي ذمة الأطفال،
-
ثراء
وتنوع في الوضعيات التربوية ( إثارة الأطفال، الوضعيات المشكل ...)،
هذه التمثلات دفعتني إلى
تعليق جل الأعمال والأنشطة التي كنت بصدد القيام بها (تقرير التربص الميداني
والملف التربوي ) في إطار الاستعداد
الذهني وما يتطلبه من تركيز أثناء الحصة، بالإضافة إلى ما يتطلبه الاستعداد النفسي
من تنبوء بنوعية الإطار التربوي الذي يُتوقع مقابلته، من حيث خصائصه المعرفية والنفسية
والبيداغوجية والاجتماعية، وطبيعة الوضعيات التي يُتوقع طرحها وما يصاحبها من
مشاعر وأساليب مقاومة ومواقف ، وأخيرا فإن الاستعداد المعلوماتي يستلزم التزود ببعض المعلومات والبيانات المتعلقة
بالخصائص النموئية لأطفال 3- 4 سنوات البيداغوجيا
المعتمدة برياض الأطفال ومجموعة من المراجع العلمية التربوية ذات العلاقة،
كما استبقتُ الحصة
بالتفكير في مجوعة من العناصر التي يمكن اعتمادها في إثراء المقابلة أهمها:
-
المقاربة بالمشروع بين
التبني والأجرة،
-
بناء النموذج التنشيطي
بروضة الأطفال،
-
آليات الملاحظة
والمتابعة والتقييم،
-
المشاريع الإفرادية
وبناء إستراتيجية متابعة الأطفال ذوي الصعوبات والمسارات التشاركية المقترحة للتدخل
.
2. الملاحظة
:المراوحة
بين العين المجردة والشبكة العلمية،
إن معايشة الحصة في مختلف
ردهاتها أدى إلى تدوين مجوعة من الملاحظات المساعدة على فهمها وتقييمها وبناء
فرضيات حول الأداء التربوي والبيداغوجي للمنشطة على أن يقع التثبت من مدى صحتها
بعد المقابلة،
وحرصا على الابتعاد عن الذاتية
في تناول سيرورة الحصة والتحلي بالموضوعية والعلمية فقد اعتمدت شبكتين للملاحظة ،
خصصت الشبكة الأولى للتوزيع الكرونولوجي لفقرات الحصة وأفضت نتائجها لما يلي:
الفقرة
|
الحيز الزمي
|
الفضاء
|
ملاحظات
|
تحية العلم وأناشيد
|
5 دق
|
البهو
|
فرصة للتلاقي مع بقية
الأطفال المسجلين بالروضة
|
المناداة
|
2 دق
|
قاعة النشاط
|
الإنصات والإجابة
|
قرآن كريم وسنة نبوية
|
5 دق
|
قاعة النشاط
|
حفظ وآداب التعامل
|
اللوحات الإيقاضية
|
6 دق
|
قاعة النشاط
|
مشاركة جماعية مع
استبطان للمفاهيم المتعلق بالزمن
|
نشاط حركي ألعاب
|
6 دق
|
قاعة النشاط
|
تفاعل إيجابي وسعادة
على وجوه الأطفال
|
ورشة إيقاظ علمي
|
35 دق
|
قاعة النشاط
|
نشاط روتيني ومفاهيم
صعبة الاستبطان والتعلم
|
-
الحيز
الزمني المخصص لنشاط الحركي لم يتجاوز الـ 10 % من حصة النشاط،
-
المدة المقضاة في حالة جلوس مثلت 81 % من حصة النشاط،
-
3 أطفال من بين 19 طفلا تحركوا في
الفضاء خلال مدة الجلوس ،
-
إعتمدت المنشطة على أسلوب تلقيني توجيهي في أغلب ردهات الحصة(90
%من توقيت الحصة )
تصرف غير متوازن في التوقيت المخصصة للنشاط غاب عنه المراوحة والتنوع
والثراء
|
![]() |
أما الشبكة الثانية فقد
صيغت لتدوين اللحظات الفارقة في سير الحصة
سواء الإيجابية أو السلبية والمتعلقة بأهم الكفايات والمهمات المناطة بعهدة
المنشطة وفقا للنموذج التالي:
الوظائف/ الكفايات
|
المظاهر الدالة الإيجابية
|
المظاهر الدالة السلبية
|
البدائل المقترحة
|
التخطيط التنشيط التواصل التقييم
|
تحفز الأطفال
تستشير الأطفال حول مواصلة النشاط
|
ضبابية في صياغة الأهداف،
توزع الأطفال غير تلقائي
لا تشجع التجربة
والمحاولة،
عدم المراوحة في النشاط
نشاط لا يتلاءم وقدرات
الأطفال
|
مزيد التدقيق في صياغة
الأهداف،
إعطاء الأطفال هامش من
الحرية للتصرف التلقائي والتعلم الذاتي
التعلم بالخطأ
والمحاولة
تنويع مواقع النشاط،
فهم الخصائص النموئية
للطفل
|
وقد مكنتني الملاحظات
المدونة من تجاوز الانطباعية والذهاب إلى المقابلة مسلحا بجملة من بيانات ومعطيات
أفضت لبناء مجموعة من الفرضيات:
-
المنشطة غير مستبطنة
للنموذج التنشيطي بحراكه البيداغوجي،
-
المنشطة لا تشجع حرية
التنقل والمبادرة والاستقلالية ،
-
المنشطة تعتمد أسلوبا
تلقينيا ولا تولى أهمية للخطأ والمحاولة والتجريب كركائز أساسية في عملية التعلم،
-
المنشطة تخلط بين
إقتدارات الأطفال والأنشطة الملائمة والمتوافقة معها.
3. المقابلة
: بين
التأكد من الفرضيات وتعديل المواقف
يعرف روجرز Rogers (1942) المقابلة بأنها "علاقة
مهنية عبارة عن سيرورة نمائية تطورية، يتم خلالها مساعدة الفرد بدعوته للانخراط
الشخصي والمسؤول في عملية تقتضي نقله من وضعية يشعر فيها بالقلق وعدم الاندماج إلى
وضعية يشعر فيها بالمواءمة والتوافق مع واقعه ومحيطه"
وذلك بخلق حوار تواصلي
الذي يعرفه فاريلا Varela (2001) " بأنه فعل لا
يترجم بنقل المعلومات من المرسل إلى المرسل إليه ولكن بالأحرى بواسطة تعديل تشاركي
متواصل مقرون بفعل يراهن على بناء عالم مشترك مبنيا على الاحترام والاعتراف
المتبادل والحضور واللقاء والتواصل الحي"
وعلى هذا الأساس تم إعداد
السيناريو التالي لسير المقابلة: (التوقيت: 20 دقيقة/ المكان : مكتب المديرة)
1-
الاستقبال ووضع المنشطة
في أريحية من خلال إثارة حور حول إحدى المواضيع التالية:
-
واقع الرياض البلدية
ودورها في إعداد المواطن،
-
أو التعبير عن الذكرى الطيبة المنطبعة في ذهني منذ حضور حصة
نشاط بالروضة خلال تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتكوين سلك التفقد والإرشاد
البيداغوجي سنة 2007،
-
أو الانطلاق من وضعية
تربوية مميزة تثمينا لعمل المنشطة والإشادة بحنكتها وخبرتها.
2-
تأطير المقابلة وذلك
بالتصريح بالهدف من المقابلة والتمشي المعتمد،
3-
تقييم الأداء من خلال فسح
المجال للمنشطة لاسترجاع مسار الحصة وتقييمها ومدى استبطانها للأهداف، نقاط القوة
في الحصة ودعوة المنشطة إلى التقييم الذاتي( لو أتيحت لك الفرصة لإعادة الحصة فما
هي التعديلات المقترحة )،
4-
تأليف حول النتائج والنقاط
التي أُثيرت في المقابلة (بإيجاز واقتضاب
)،
5-
عقد اتفاق عمل مشترك واستشراف المستقبل ببناء إستراتيجية التدخل
أو الاشتغال.
وبذلك كانت المقابلة محطة
هامة وصعبة في نفس الوقت أفضت إلى تأكيد الملاحظات التالية:
-
رضا المنشطة على أدائها
واعتقادها الراسخ بأن الحصة مثلت فرصة للتعلم والممارسة والاستكشاف، كما نجحت في
الاستجابة لحاجيات وطلبات الأطفال التربوية المعلنة،
-
التمسك بالخلفيات
والدلالات المعرفية السابقة للمنشطة مع صعوبة التخلص من الأفكار النمطية والخاطئة
مع صد واضح لكل تعديل أو تغيير.
-
التزامي باعتماد المقاربة
الإرشادية التحفيزية المشجعة على توليد
التقييم الذاتي والبناء التشاركي لمسار الإصلاح والتعديل خلال المقابلة دون سواها،
-
عملية التقييم بُنيت
على عدم علم سابق بطريقة أداء المنشطة وكفاياتها البيداغوجية والتنشيطية،
-
ندرة زيارات الإرشاد
والمرافقة والمتابعة حيث (آخر زيارة بيداغوجية للمنشطة تعود إلى سنة 2006)
-
عدم إلمامي الجيد بمجالات
التعامل مع الإطارات العاملة في مؤسسات الطفولة المبكرة(الجوانب التقنية والفنية)،
-
الالتزام بالتوقيت
المحدد للمقابلة (20 - 30 دقيقة )لم يسمح بالتوسع في بعض النقاط الأساسية،
4. صياغة
التقرير : مرآة
عاكسة لما سبق ومستشرفة لما هو آت :
يمثل التقرير
فرصة لترتيب الأفكار وتدوين ما سها
عنه المتفقد ويعكس التدرج المنطقي لحصة النشاط وجملة التفاعلات والوضعيات التربوية
والتعلمات الحاصلة للأطفال في سياق منطقي تتدرج فيه مستويات الكتابة والخطاب من
الوصف إلى التأويل فالتقدير لبلوغ مستوى التوجيه،
وعلى الرغم من أن الوثيقة المعتمدة حاليا لا تعكس هذا
التمشي أمام غياب مؤشرات علمية ثابتة وسلم تقديري قد يجنح بالمتفقد من التقييم
العلمي الموضوعي لينساق إلى مسار وصفي انطباعي-ذاتي تغيب عنه شروط الوظيفية والإجرائية
والوجاهة والحساسية والأمانة وصدق البناء،
كما يجب أن يحترم التقرير مبدأ عدم التناقض في النص بحيث
تمثل الاستنتاجات والتوجهات تتويجا منطقيا لمجموع الاستدلالات السابقة بالإضافة
إلى الاتساق الداخلي (cohérence) والمقروئية (أن
نكتب ما يفهم ويستصاغ) ،
وهنا يجب أن أستذكر نصائح المتفقد المؤطر خلال التربص الميداني الثاني التي
كانت خير معين في فهم العناصر المكونة للتقرير واختيار المفردات المناسبة للتعبير
عن الملاحظات المسجلة مع الحرص على التركيز على ثلاثة أو أربعة ملاحظات هامة تكون
مجالا للاشتغال مع المنشط خلال الزيارات واللقاءات اللاحقة بهدف رسم ملمح المنشط
المتأمل الفاعل الاجتماعي المتواصل مع ذاته والآخرين والواعي بممارسته وفعله
التنشيطي والمستبطن لأهدافه وغاياته.
5. المحادثة
: إضافة
دخيلة على البرمجة ولكنها بطعم السكر :
يقول جون شتاينبيك "
لا أحد يريد النصيحة، بل الجميع يريد التأييد" ،
ويقول عبد الرحمان
الكواكبي " النصح لا يفيدنا شيئا إذا لم يصادف أذانا تطلب سماعه"
على الرغم من أن المحادثة
لم تكن مبرمجة في سياق إنجاز حصة التفقد إلا أنها مثلت فرصة هامة للتأمل الجماعي
في مجريات الحصة بأعين مختلفة وخبرات متفاوتة سمحت لي بالوقوف على نقاط لم أعرها
اهتماما تنم عن خبرة الطرف المقابل وتجربة واقتدار تدعم من خلال الممارسة والتعامل
اليومي مع الفعل التنشيطي برياض الأطفال،
لقد كانت المرحلة الأولى
من المحادثة مساحة لتبويب إنتظاراتي واستعدادي وملاحظاتي وبنائي المنهجي لسيرورة
الحصة وتقييمي لأداء المنشطة وأدائي في ذات الوقت،وخُصص الجزء الثاني من المحادثة
للتحاور حول النقاط الإيجابية في تدخلي ومواطن الضعف وأوجه القصور خاصة المتعلقة
بخروج المنشطة من المقابلة وكأنها مقتنعة بحسن أدائها بالرغم من الأخطاء الفادحة
التي تم ملاحظتها وتدوينها (عدم ملاءمة النشاط المقترح مع المرحلة العمرية
للأطفال) على الرغم من إشعارها برتابة الحصة وغياب التلقائية وحرية التصرف في
الوسائل.
وقد مكنتني هذه المحادثة من مراجعة الإنطباعية المغرقة في التحفيز والثناء
والمعتدلة في الوصف، إلى صياغة التقرير بالتركيز
حول الوضعيات التربوية وضبابية الأهداف ومحدودية المعرفة بالأنشطة المستوجبة
لأطفال الأربع سنوات ورتابة الحصة التي انعكست سلبا على أداء الأطفال وتفاعلهم
وأثرت على مستويات التعلم نظرا لغياب المحاولة والاستكشاف والتجربة الذاتية
المتولدة عن الحيرة ووضعية مشكلة
6. التعلَمات
المتولدة عن الحصة :" التعلم لا يرهق العقل أبدا" ليوناردو
دافنشي
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |